يوم الخميس الموافق
09/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























13/07/2014 - 12:20:36 pm
الصوم ممارسة وعبادة بقلم جاسر الياس داود
فجرُ صومٍ هلَّ (2)
الصوم ممارسة وعبادة 
لم يكن الصوم جديداً ومبتكراً من العَدَم في بداية الدعوة النبويّة لِنبيّ العُرْب محمّد بن عبدالله القريشيّ (صلّى الله عليه وسلَّم)، بل مارسته الشعوب التي عاشت قبل بداية الدعوة بالدين الاسلامي، فقد جاء في كتاب قصص الأنبياء للإمام الحافظ بن كثير:" وقد قال الطبراني: حدثنا أبو الزنباع روح بن فرج، حدّثنا عمرو بن خالد الحراني، حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي قتادة، عن يزيد بن رباح أبي فراس، أنّه سمع عبدالله بن عمرو، يقول: سمعتُ رسول الله(صلعم) يقول:" صامَ نوح الدهر إلّا يوم الفطر والأضحى، وصام داود نصف الدهر، وصام ابراهيم ثلاثة أيام من كلّ شهر، صام الدهر وأفطر الدهر". كما ومارَسَه المؤمنون بالديانتيْن السماويّتيْن اللتيْن سبقتا ظهور الدعوة الاسلاميّة، فاليهود والمسيحيون مارسوا الصوم كلٌّ بحسب طريقته الخاصّة به، فالمسيحيون في فترة الصوم الأرْبَعيني يمتنعون عن أكل اللحوم وكلّ ما ينتج منها كالألبان والأجبان والبيض، وما يسمح لهم بتناوله من الأكل هو الخضراوات وما لا ينتج من اللحوم. 
هناك مَنْ يُصنِّف هذا الصوم بأسهل من صوم رمضان، وهناك مَنْ يقول هذا صعبٌ جداً أنْ لا تتناول شيئاً من اللحوم والألبان والأجبان خلال مدّة أربعين يوماً متواصلة.
ليس هذا المهم، بل هو أنْ يكون المؤمن من الديانات السماويّة الثلاث يُمارس هذا الصوم باقتناع تام، وبأنّ هذه الممارسة نابعة من الايمان بأسس الدين أو الديانة، التي يؤمن بها والداعي بها أو إليها المُرسل من عند الله عزّ وجلّ ، ليساعد في تنظيم حياة بني البشر، كي يشعر المؤمن مع أخيه المؤمن وليقبله كما هو وبالعقيدة التي يؤمن بها، وهنا تتجلّى المسامحة التي تنادي بها الديانات السماويّة الثلاث، وبهذا يذوب التعصّب الأعمى لديانة معيّنة دون غيرها. 
فالمؤمن الحقيقي هو الذي يقبل أخاه المؤمن بعقيدة أو دين آخر كما هو، كي يقبله المؤمن الآخر، وإذا استطعنا أن نُحقِّق هذه الخطوة بصدق، استطعنا أن نرسل السلام الصادق والانساني، الذي نادى به الأنبياء والمرسلون من عند الربّ.
يقول الكاتب محمد حسين هيكل في كتابه " حياة محمّد "( يعني النبيّ محمّد صلعم- الكاتب):" وفي الحقّ أنّ الصيام على أنّه حرمان وحَدٌّ من حريّة الانسان نظر خاطئ يجعل الصيام عبثاً لا محلَّ له. إنَّما الصيام طهور للنفس يوجبه العقل عن اختيار من الصائم كي يستردّ به حريّة إرادته وحريّة تفكيره. فإذا استردّهما استطاع السموّ بها إلى عليا مراتب الإيمان الحقّ بالله." 
إذاً الصوم هو دافع أو عامل من العوامل المفيدة والمؤدّية إلى إقامة روابط وعلاقات إنسانيّة بين بني البشر، فكلّهم (الصائمون) يشعرون أولاً بالمساواة فيما بينهم، لا فضل لِواحدٍ على غيره، ولا يُفضِّلُ الربّ أحداً على الآخر، لأنّه يصوم ويُصلّي أكثر من أخيه الصائم الآخر أو غير الصائم بتاتاً لأسباب منها الصحيّة.
فالله عز وجلّ سمح  لأصحاب الحالات كالمرض أو السفر سفرة طويلة عدم الصوم، ولكن عليهم تعويضه أو تعويض أيام هذه الحالات في أيام أخرى من السنة.
لم يكن الإعفاء إعفاءً تاماً بدون تعويض الأيام، التي لم يصمها الواجب عليه الصوم من المؤمنين بدعوة رسول أو نبيّ العُرب محمد بن عبدالله القريشيّ (صلعم). لأنّه لو حدث مثل هذا الإعفاء، لقام جزء من الذين عليهم فرض الصوم بتعيين سفرهم في أيام شهر رمضان الكريم، وخاصّةً في مثل هذه الأيام الحارّة والمُحرقة جداً. لهذا الإعفاء كما قلت سابقاً هو إعفاء زمنيّ، يجب تعويضه خلال أيام السنة المباركة. 
كما وأنّ الصوم يعلّمنا المحبّة والأخوّة الصادقة بين المؤمنين، فالصائم يشعر مع أخيه الانسان الفقير والمحتاج ماديّاً، يوم يُجرّب عدم إدخال الطعام إلى معدته قبَل بزوغ الفجر إلى ما قبل غروب الشمس بقليل، فهناك العديد من المؤمنين يتذكّرون في هذه الأيام الكريمة والمُقدّسة إخوةً لهم لم تلدهم أمّهاتهم، لا يجدون كسرة خبز يفطرون بها أو عليها، فهذه إرادة الخالق وحكمته في عبيده، ومن الصعب فهمها أو إدراكها، لكنّه عزّ وجلّ وصّانا بمساعدتهم في هذه الأيام السعيدة المباركة، أيام شهر رمضان المبارك.
فكيف لا، والنبيّ محمّد صلعم بحسب رواية زوجته عائشة أمّ المؤمنين أنه أجاز الوصايا بالمال لغير المسلم، فكم بالحري إذا كان هذا الموصى به مسلماً؟!!!
فلنقتدِ بعائشة أمّ المؤمنين إذ كانت تتفقّد شؤون المسلمين فتعطف على فقيرهم، وتعطيه ما تيسّر لها من العطاء، ولم يكن لديها إلّا 
القليل الذي هي أحوج إليه. فقد جاء في كتاب الأنساب للبلاذري، الجزء الأول: أنّ عائشة أمّ المؤمنين باعت داراً لها بمائة ألف، ووزّعت المال على المحتاجين.
لكن ما يُؤلم المرء اليوم هو بعض الصور هنا وهناك في المواقع الألكترونيّة المختلفة ومنها التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك)، صور لموائد الافطار في شهر رمضان المبارك، تملؤها أنواع من المأكولات والأطعمة الشهيّة، وكلّ واحد   من أصحاب هذه الموائد، يريد أن يضع أكثر وأكثر من أنواع الطعام. 
يُقال بأنّ النبيّ محمّد بن عبد الله القريشي صلعم كان يفطر على كوب من اللبن (الحليب) وحبّتيْن من التمر. هل لم يكن لهذا المختار من قِبَل الله عزّ وجلّ لنشر الدين الحنيف أكثر من هذا الطعام وهو نبيّ المسلمين؟!‍‍!‍!
كان له وكيف لا، لكنّه كان يشعر مع الآخرين، ويُعلّمهم بأنّ الإفطار في أيام الصوم هو ليس بتناول الأطعمة الكثيرة وبالتفاخر بأنواعها وتشكيلاتها.
وصوماً مباركاً ومقبولاً وإفطاراً شهيّاً، وكلّ رمضان ورمضان وأنتم ونحن  والجميع بألف خير آمين.
الداعي لكم بالخير
أخوكم بالإيمان
المربّي جاسر الياس داود 
عبلين – الأراضي المقدّسة


  




تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com